20 - أبريل - 2025

لماذا لا يكفّ بعض الناس عن قول الكذب؟

لماذا لا يكفّ بعض الناس عن قول الكذب؟

فلسطين الحدث : عند الكذابين يظل ظل الاشتباه على ما يبدو حاضرًا دائمًا، لكن لماذا يكذبون؟ ماذا يمكننا أن نفعل لمساعدتهم؟

بعض الأشخاص يكذبون بشأن أشياء مهمة، كأن يدعي أحدهم بأنه حصل على شهادة لم يحصل عليها. ولعله كذب أيضًا بشأن الأشياء الصغيرة، مثل قوله إنه قابل شخصًا مُهِمًّا، ولم يحدث ذلك، أو أنه حصل على هدية، بينما يكون في الواقع قد اشتراها، أو أنه أكل كثيرًا في اليوم السابق بينما لم يأكل في الواقع سوى كسرة من خبز.

غالبًا ما يكون الأشخاص الذين لا يكفون عن الكذب بمفردهم. عاجلاً أم آجلاً يكتشف أولئك الذين يثقون بهم في النهاية سلوكهم فيغادرونهم بمزيج من الانفعالات، حيث يملؤهم الحزن والغضب. كانت نيتهم الأولى هي تغيير الآخر، لكنهم لم ينجحوا في ذلك.

وفقًا لتقرير نشره موقع nospensees يوم الأحد الماضي فإن لكل خيار له دافع يتجسّد بمؤشر توجيهٍ سلوكي. ينشأ الانحراف عن الحقيقة أيضًا من دافع معيّن، سواء أكانت الكذبة أكبر أم أصغر. قد يبدو الأمر تافهًا من الخارج، لكن الشخص يبتعد عن الحقيقة لأنه يفهم أنه سيستفيد منها. قد يكون هذا لتجنب توبيخ ما، أو لتحسين صورته، أو لعدم الكشف عن مفاجأة، ولكن هناك دائمًا مصلحة.

أي بمعنى آخر، إذا تلاشت الفائدة فمن المحتمل أن تختفي العادة (عادة الكذب) أيضًا. نقول ربما لأنه بالنسبة لبعض الناس عادة الكذب طبيعية لدرجة أنها تصبح شبه تلقائية. لم يعد القرار يمر عمليًا عبر دوائر الوعي في الدماغ. بالنسبة لهؤلاء الأشخاص يمكن وضع أي خيار متخيَّل على مستوى الواقع. وكأن الواقع والموازيات الممكنة تلعب في نفس المضمار.

هل يصدق الناس الذين يكذبون أكاذيبهم؟

الأشخاص الذين اعتادوا على الكذب، إلا في حال كان لديهم اضطراب نفسي ما، لا يصدّقون أكاذيبهم. إنهم يعرفون في جميع الأوقات أن ما ”حدث“ لم يحدث في الواقع. لكن ما يحدث بتردد نسبي هو أنهم يتصرفون كما لو كان ما يقولونه صحيحًا، حتى في السياقات التي لا يحتاجون فيها إلى الكذب.

فلتخيل أن شخصًا بعينه أكثر حساسية اليوم من الأيام الأخرى، ولجذب انتباه واهتمام صديقته اختار أن يقول إنه اليوم ليس على ما يرام، وأنه يعاني من الصداع. فينفق كل لحظات الفطور مع صديقته في تزويره لحقيقته. والمثير للدهشة هو أن صديقته تغادره وتذهب إلى العمل ويستمر هو في التصنع والتظاهر، حتى لو لم يكن بحاجة إلى ذلك.
ويقنع نفسه بحاله الكاذب ولا يأكل كثيرًا.

فالكذاب سرعان ما يتعلم أنه إذا أراد تقليل التآكل المعرفي الناتج عن الكذب فخير له أن يتصرف دائمًا كما لو لم تكن الكذبة كذبة. لذلك، في بعض الحالات قد نشعر أن الشخص يؤمن حقًا بما يتصنعه ويتظاهر به أو يقوله.

كيف تساعد هؤلاء الأشخاص؟

لمحاولة الإجابة على هذا السؤال يقدم أخصائيو علم النفس بعض النقاط المهمة:

– لا تواجهوهم بالحقيقة عندما تكونون بعيدين عنهم أو غاضبين منهم. من المرجح أن ينكر هؤلاء الأشخاص ذلك أو يتجنبون المحادثة. بل وقد يتهمونكم بجنون العظمة.

– حاولوا حملهم على مراجعة أخصائي. من الصعب جدا ”تفكيك“ نمط سلوك يتعامل معه الشخص منذ سنوات. فالأمر معقد للغاية. لذا، تمامًا كما أنك لا تسطيع أن تجري عملية جراحية على شخص مصاب بالتهاب الزائدة الدودية، أوصِه إذن بمراجعة طبيب مختص.

– لا ترهقوا أنفسكم في مهمة ستواجهون فيها، من دون مساعدة، فرصًا كثيرة من الفشل، ومن إِحداث المزيد من الضرر، إما بسبب الطبيعة المزمنة للمشكلة أو بسبب ظهور سبب آخر. تذكروا أنه إذا كنتم تريدون المساعدة فإن الهدف الأساسي هو جعل الشخص يراجع أخصائيًا.

كل البشر يكذبون. أما الشخص الذي يكذب بلا انقطاع فمن الصعب للغاية التعرف عليه. فمثلما يتم تعلّم سلوك الكذب بشكل جيد فمن المحتمل أن يكون سلوك الاجتناب والتحاشي راسخًا أيضًا. فالشخص بمجرد وقوعه في الفخ سيعترف به بشكل طبيعي: ”أنا لم أخبرك بأنّ هذا قد حدث حتى لا تشعر بالقلق، بل قلت لك إنني فعلت ذلك بالفعل حتى لا تغضب“.

الشخص الذي لا يكف عن الكذب يتألم أيضًا – يمكنك استخدام هذه الحجة لجلبه إلى العلاج، فالأمر يتعلق بجعله يشعر بتحسّن. علاوة على ذلك قد يشعر هذا الشخص ”بأنه محكوم عليه“ بالاستمرار في الكذب حتى لا يفكّك كل الخطاب الذي سبق وأن شاركه الآخرين بالفعل.

مقالات ذات صله