
ركزت الصحف العالمية الصادرة اليوم الاثنين على آخر تطورات الحرب في أوكرانيا، وسط حديث عن خيار ”مؤلم“ للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لإنقاذ بلاده من ”الدمار الروسي“، عن طريق الخضوع لطلبات موسكو بشأن الموافقة على وقف إطلاق النار.
يأتي ذلك فيما تحدثت الصحف عن خطة أمريكية ”محفوفة بالمخاطر“ بإرسال قوات خاصة لحماية سفارتها في كييف، مما قد يثير غضب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.
كما تطرقت الصحف للشأن الإيراني بعد اغتيال قائد بالحرس الثوري في قلب العاصمة، طهران، معتبرة أن العملية بمثابة ”إهانة للنظام الإيراني“.
خيار زيلينسكي ”المؤلم“
قالت مجلة ”ناشيونال إنترست“ الأمريكية إن الرئيس الأوكراني يواجه خيارا مؤلما لإنقاذ بلاده من دمار الحرب مع روسيا، عن طريق الخضوع لطلبات موسكو بشأن الموافقة على وقف إطلاق النار.
وأشارت المجلة إلى أن هذه الخطوة تأتي في أعقاب التطورات الميدانية الجديدة في أوكرانيا، حيث أعادت القوات الروسية تجميع صفوفها في محاولة للسيطرة على منطقة ”دونباس“ المتاخمة لروسيا والقطعة الجنوبية الشرقية المطلة على بحر آزوف.
وذكرت المجلة: ”بعد آثار القصف والدمار والمذابح، فإن الإذلال الأخير، هو أن الرئيس زيلينسكي سيطلب على الأرجح الموافقة على اتفاقية دونباس التي ترضي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين“.
وأضافت المجلة أن الكثير من التكهنات ستعتمد على المكان الذي تتوقف فيه روسيا حتى لو حدت من مطالباتها في الجزء الشرقي من أوكرانيا. وتساءلت: ”هل يشمل ذلك مقاطعات لوهانسك ودونيتسك بأكملها، على سبيل المثال، أم فقط الأجزاء التي كانت في نزاع مع الانفصاليين بين عام 2014 وغزو شباط/فبراير؟“.
وأوضحت المجلة أن دونباس باتت في حالة تدهور، حيث هاجر معظم سكانها والمنتجين اقتصاديًا لغرب أوكرانيا.. ومع ذلك، لا توجد دولة مستعدة إلا تحت الإكراه، لتحمل بتر أحد الأطراف، خاصة بسبب الغزو والاستيلاء“.
وأشارت المجلة إلى أن ”الجنوب الكامل من شبه جزيرة القرم إلى مولدوفا في الغرب المتبقي في أيدي أوكرانيا أمر مختلف تماما“، معتبرة أن ”التنازل عنها سوف يمنع أوكرانيا من الوصول إلى المياه الدولية عبر البحر الأسود“.
وأضافت: ”لكن بوتين لم يكن واضحًا تمامًا بشأن الجنوب الغربي، بما في ذلك أوديسا، ثاني أكبر ميناء في المنطقة تاريخياً بعد سان بطرسبرغ. وإذا ألمح الزعيم الروسي إلى التحرك غربًا عبر الجنوب بأكمله نحو مولدوفا بعد الاستيلاء على دونباس، فمن الواضح أن أوكرانيا ستقاوم في الجنوب“.
ورأت المجلة أن ”النهاية الحتمية“ للحرب تحمل في طياتها الدمار والهلاك لأوكرانيا، حتى وإن كانت تبدو صامدة، واعتبرت في الوقت نفسه أن كييف لن تصمد طويلا في مواجهة جيش قوي ومتفوق.
وتابعت: ”خيار زيلينسكي، بالتنازل عن أراضي بلاده قد يكلفه ثمنا سياسيا باهظا في الانتخابات المقبلة، لكنه سينقذ به المزيد من الأراضي الأوكرانية وملايين البشر“.
واختتمت ”ناشيونال إنترست“: ”سيكون بالضرورة قرارًا أوكرانيًا مناسبًا، لكن يجب على دول حلف شمال الأطلسي- الناتو، بما في ذلك الولايات المتحدة، تشجيع أو على الأقل عدم محاولة ثني زيلينسكي عن الوصول إليه“.
حرب أبدية
قالت مجلة ”نيوزويك“ الأمريكية إن إنهاء الحرب في أوكرانيا بات أبعد من أي وقت مضى، حيث لم يظهر الرئيس الروسي أي علامة على التخلي عن أهدافه المتمثلة في ”نزع السلاح“ عن أوكرانيا وتطبيق مبدأ ”الحياد“.
وأضافت المجلة أن ”القوات المسلحة الأوكرانية ستظل مدعومة بمساعدة مادية من الغرب ودعم معنوي من السكان المحليين الذين ينظرون بشكل متزايد إلى هذا الصراع على أنه صراع وجودي، متحفزين للغاية للدفاع عن دولتهم من ”العدوان الخارجي“، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى حرب طويلة الأمد“.
وأوضحت أن ”تصنيف روسيا الرسمي لأعمالها في أوكرانيا على أنها عملية عسكرية خاصة، يعني أنه لا يمكن إرسال المجندين للمعركة على الأراضي الأوكرانية“، مشيرة إلى أنه حتى إذا أعلن الكرملين ”الحرب“ رسميًا في الأيام المقبلة، فسيستغرق الأمر أسابيع لتجهيز وإعادة تدريب استدعاءات جنود الاحتياط، وأشهرا لإعداد الدفعة التالية من المجندين للقتال الفعلي.
واعتبرت أن ”هذا الواقع لا يعني أن النصر الأوكراني وشيك، حيث يعترف الأوكرانيون بأن روسيا لديها ميزة في القوة النارية؛ مما يجعل من المستحيل إخراج القوات الروسية من الأراضي التي تحتلها“.
وقالت المجلة: ”من المرجح أن تأخذ الحرب طابعًا أبديا، مع استمرار المعارك في الشرق والضربات الدورية لمنع استئناف الحياة العادية في مناطق أوكرانيا وراء الخطوط الأمامية“.
ونقلت المجلة عن محللين عسكريين، قولهم: ”هناك اتفاق عام على أن الجيش الروسي ليس في حالة عظيمة، لكن السياسة هي التي تقود الحرب، والجيش الروسي سيلتزم بالتوجيهات السياسية. طالما أن هناك توجيهًا سياسيًا لمواصلة القتال، فإن الجيش سيحاول على الأقل تنفيذ الأوامر“.
ورأت المجلة أن استمرار الدعم العسكري الغربي لكييف سيطيل أمد الحرب أيضا، حيث يشعر المجتمع الأوكراني بـ“الخوف الوجودي“ ويعتقد أنه منخرط في ”قتال حتى الموت“ مع روسيا.
واختتمت ”نيوزويك“: ”تقصف روسيا مستشفيات الولادة وملاجئ المدنيين في خاركيف وماريوبول. ولدى المجتمع الأوكراني كل الأسباب للاعتقاد بأنه دون حماية الجيش المدعوم من الغرب، فإن المدفعية الروسية ستفعل الشيء نفسه قريبًا مع كييف وأوديسا“.
قرار أمريكي ”خطير“
ذكرت صحيفة ”وول ستريت جورنال“ الأمريكية أن وزارة الدفاع ”البنتاغون“ خططت لإرسال قوات خاصة إلى كييف لحراسة سفارتها، وهي مقترحات من شأنها أن تجبر إدارة الرئيس، جو بايدن، على موازنة الرغبة في تجنب تصعيد الوجود العسكري الأمريكي في منطقة الحرب والمخاوف المتعلقة بسلامة الدبلوماسيين الأمريكيين.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين بارزين، قولهم إنه ”لم يتم تقديم الاقتراح لبايدن“، لكنهم أوضحوا أنه“ إذا تم ذلك، فسيكون عبر نشر القوات للدفاع عن السفارة“، التي تقع في مرمى الصواريخ الروسية.
واعتبرت أن ”وجود مثل هذه القوات داخل أوكرانيا يمثل تصعيدًا من تعهد بايدن الأولي بعدم إرسال قوات أمريكية إلى البلاد“.
وذكرت الصحيفة: ”تسعى الإدارة الأمريكية إلى موازنة المخاوف داخل وزارة الخارجية من أن الموقف الأمني القوي والواضح في السفارة يمكن أن يستفز الرئيس الروسي مع الحاجة إلى ردع هجوم محتمل على الأفراد الأمريكيين، وأنه سيكون لديها قوات كافية لإخراجهم إذا اندلع القتال مرة أخرى في كييف“.
وأوضحت: ”يجري التخطيط الأولي في البنتاغون ووزارة الخارجية لإرسال العشرات من القوات الخاصة التي يمكن أن تعزز الأمن في السفارة“.
وتابعت: ”يرى المسؤولون أنه من غير المرجح شن هجوم على السفارة مثل هجوم 2012 على موقع دبلوماسي في بنغازي الليبية، الذي أسفر عن مقتل 4 أمريكيين، لكنهم بشكل عام غير مرتاحين بشأن إرسال دبلوماسيين أمريكيين إلى منطقة حرب نشطة“.
”إهانة“ للنظام الإيراني
وصفت صحيفة ”جيروزاليم بوست“ العبرية اغتيال ضابط كبير في الحرس الثوري الإيراني بـ“آخر إهانة“ للنظام الإيراني ”الهش“، قائلة إنه يأتي في سياق تهديدات طهران المتزايدة بطائرات دون طيار ضد إسرائيل.
وذكرت الصحيفة العبرية أن ”العقيد الإيراني، حسن صياد خدائي، شارك في التخطيط لشن هجمات على إسرائيليين حول العالم“، وتأتي العملية تزامنا مع الكشف عن ”شبكة تجسس إسرائيلية“ في إيران، وبعد 8 أشهر من اغتيال العالم النووي، محسن فخري زاده، في أيلول/سبتمبر الماضي، بـ“مخطط إسرائيلي“.
واعتبرت الصحيفة العبرية أن ”الاغتيال يمثل ضربة للنظام الإيراني المشغول بتهديد إسرائيل وأمريكا“ في كل من العراق وسوريا ولبنان، بدلا من الدفاع عن الأعضاء الرئيسيين في الحرس الثوري في قلب العاصمة.
وذكرت أن ”اعتراف وسائل الإعلام الإيرانية بمقتل خدائي، أمام منزله يعد اعترافا علنيا من النظام بالفشل بعد الفشل“.
وتحت عنوان ”إيران تعاني من الإذلال في الداخل“، أضافت: ”الصورة التي تبرز هي أن إيران أكثر ضعفا مما كانت عليه في الماضي“.
وتابعت: ”توضح العملية أن التهديدات الإيرانية جوفاء، وقد أظهر النظام حتى الآن، أنه ليس لديه سوى طرق قليلة للرد المباشر.. ومع ازدياد الاختراقات الإسرائيلية، قد يجعل ذلك طهران أكثر خطورة، من خلال ردود فعلها“.