20 - أبريل - 2025

“بتسيلم”: التدريبات العسكرية في الأغوار حجة لترحيل الفلسطينيين

“بتسيلم”: التدريبات العسكرية في الأغوار حجة لترحيل الفلسطينيين

فلسطين الحدث 16-1-2022 كشف تقرير لمركز حقوق الانسان “بتسيلم” بأن تدمير جيش الاحتلال لمساحات واسعة من أراضي المواطنين الفلسطينيين المزروعة بالمحاصيل صباح الأحد الماضي، عبر اجتياح عشرات الدبّابات والجرّافات والشاحنات العسكريّة للأراضي الزراعيّة في اكثر من تجمع بدوي ورعوي وزراعي، من بينها تجمّع – خربة إبزيق- في الأغوار الشماليّة، ما هي إلا عملية سدّ للطريق على أيّ تطوير فلسطينيّ في الغور، وتمكين إسرائيل من تعميق سيطرتها على المنطقة واستغلال مواردها لاحتياجاتها حصريّاً ولتوسيع المستوطنات عبر تهجير الفلسطينيين بتدمير منازلهم ومحاصيلهم وسرقة للتراب الأحمر، تحت غطاء “التدريبات العسكريّة” وبحجة أن المنطقة عسكرية مغلقة.

وقال التقرير ،إن تلك التدريبات المزعومة لا تزال مستمرّة، حيث خرّبت الدبّابات والجرّافات مئات الدّونمات من الحقول المزروعة بالحنطة والشعير وحقولاً أخرى حرثها الأهالي استعداداً لزرعها. إضافة إلى ذلك، حمّلت الجرّافات كميّات هائلة من التراب وكوّمتها داخل الأراضي وخرّبت طرقاً زراعيّة، فيما تزامن هذا مع حماية الجيش للمستوطنين الذين يسرقون أشجار الزيتون المعمرة من أراضي المواطنين الفلسطينيين لبيعها أو زراعتها في مداخل المستوطنات غير القانونية في شمال الضفة الغربية المحتلة.

وجاء في التقرير، أن جنود الاحتلال أطلقوا النار وقذائف المدفعيّة في مواقع تبعد مئات الأمتار عن منازل التجمّعات الرعوية والزراعية لترهيب المواطنين الفلسطينيين ودفعهم للرحيل عن أراضيهم ومزارعهم مصدر رزقهم. مؤكداً أن الجيش يستعرض أمام الشرائح الضعيفة في المجتمع الفلسطيني في محاولة قديمة ومتجددة لحصر الوجود الفلسطيني في منطقة الغور والمرافق الحساسة ذات الخصوبة ووفرت المياه لضمها للتكتلات والبؤر الاستيطانية التي تنتشر هناك.

وأوضح “بتسيلم” أن إسرائيل تواصل عبر ممارساتها طرد سكّان خربة ابزيق – هذه المرّة بواسطة تخريب حقول وهدم منازل بذريعة “التدريبات العسكريّة” والحقيقة هي عملية تجريف لقوت ورزق ومقومات حياة مئات وآلاف الفلسطينيين من مزارعين وبدو وعمال بسطاء استقوت عليهم بآلتها العسكرية .

وقال “بتسيلم”، نرفض النظرة السّائدة إلى إسرائيل كدولة ديمقراطيّة تدير في الوقت نفسه نظام احتلال مؤقت وترى أنّ كلّ المنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل – داخل الخطّ الأخضر وفي الضفة الغربيّة وشرقيّ القدس وقطاع غزّة – يقوم نظام واحد يعمل وفق مبدأ ونظام عسكري واحد، هو؛ تحقيق وإدامة تفوّق جماعة من البشر (اليهود) على جماعة أخرى (الفلسطينيّين). إنه نظام فصل عنصري – أبارتهايد.

وأكد المركز أن هذا النظام لم ينشأ بين ليلة وضُحاها وإنّما تمأسس واتّضحت معالمه بمرور الزمن. تراكُم هذه الخطوات بمرور السّنين وانعكاسها على نطاق واسع في القوانين والممارسة والدّعم الجماهيريّ والقضائيّ الذي حظيت به – كلّها تؤسّس للاستنتاج المؤلم أنّ هذا النظام قد تجاوز السّقف الذي يقتضي تعريفه كنظام أبارتهايد.

وبينت المنظمة الحقوقية الإسرائيلية أنّ الوسيلة الأساسيّة التي تسخّرها إسرائيل لتحقيق مبدأ التفوّق اليهوديّ هي هندسة الحيّز جغرافيّاً وديمغرافيّاً وسياسيّاً: يدير اليهود حياتهم في حيّز واحد متواصل يتمتّعون فيه بالحقوق الكاملة وتقرير المصير. وعلى عكس ذلك، يعيش الفلسطينيّون في حيّز مشظّى إلى معازل مختلفة وإسرائيل تقرّر أيّ الحقوق تمنح للفلسطينيّين في كلّ من هذه المعازل وأيّها تسلب – وفي جميعها هي حقوق منقوصة مقارنة بالحقوق التي يتمتّع بها اليهود.

وأشار “بتسيلم ” إلى أن جيش الاحتلال سلم مطلع العام 2022 أوامر إخلاء لستّ أسر من تجمع خربة إبزيق في الأغوار الشماليّة تعدّ معاً 35 فرداً بضمنهم 17 قاصراً تُجبرها على مغادرة منازلها في يوم الأحد عند السّاعة 8:00 صباحاً. وفقاً لهذه الأوامر يتوجّب على الأسَر أن تبقى خارج منازلها حتى السّاعة 3:00 من فجر اليوم التالي.

وتابع، منذ كانون الأول هذه المرّة السادسة يتم فيها تسليم الأسر مثل هذه الأوامر غير أنّه في هذه المرّة أصرّت الأسر الستّ على البقاء في منازلها. ردّاً على ذلك جاء عند الظهر مندوبو الحكم العسكري -الإدارة المدنيّة وجنود وأجبروها على مغادرة منازلها. اضطرّت أفراد الأسر أن يمشوا مسافة ستّة كيلومترات لكي يُمضوا فترة الإخلاء عند أقاربهم وفي السّاعة 3:00 فجراً عادوا إلى منازلهم. الجدير بالذّكر أنّ “التدريبات” استمرّت حتى بعد عودتهم.

وأوضح التقرير في توثيقة لجرائم الاحتلال -يوم الثلاثاء خرّب الجيش وجرف الحقول المزروعة والمعدة للزراعة بالكامل، ودهم التجمّع مندوبو من الحكم العسكري -الإدارة المدنيّة بهدف هدم خيام تأوي إليها ثلاث أسر تعدّ معاً 16 فرداً، من ضمنهم 6 قاصرين بعد إجبارها على إخلاء منازلها قبل ذلك ببضعة أيّام.

وأضاف، الأنكى من ذلك أنّ الجيش كان قد هدم خيام هذه الأسر في قبلها بأسبوع فقط، فأعادت لنصب الخيام ووضع معداتها ومتعلقاتها بمساعدة منظمة أكتد (ACTED). وعندما تنبّهت الأسَر من ذلك بأيام قليلة عاد جيش الاحتلال و مندوبي الإدارة المدنيّة والجنود الذين رافقوهم سارعت إلى تفكيك خيامها وإخفائها، لكنّ القوّات عثرت على الخيام وخرّبتها. إضافة إلى ذلك خرّبت قوّات الاحتلال ثماني خيام عبارة عن حظائر مواشٍ وخيمة تُستخدم لتخزين الأعلاف وطابوناً وقنّ دجاج وأحواض سقي المواشي ومذاود طعام المواشي والأعلاف نفسها.

وأورد “بتسيلم ” الرّواية الإسرائيليّة الرسميّة بأنّ الجيش يحتاج إجراء تدريبات في هذه المنطقة بالذّات وأنّ حاجته هذه تعلو دون شكّ على حقوق السكّان واحتياجاتهم – فهؤلاء لا ينبغي أن يكونوا في هذه المنطقة أصلاً إذ إنّها أعلنت “منطقة إطلاق نار”. لكنّ هذه الرّواية جرى تلفيقها فقط لتمويه الأهداف بعيدة المدى التي ترمي إليها إسرائيل. التجبّر على السكّان والتنكيل بهم – بما في ذلك إخلاؤهم المتكرّر وهدم منازلهم وتخريب حقولهم – لا يأتي من فراغ وإنّما ضمن خطّة مبيّتة لدفعهم إلى الرّحيل نهائيّاً عن منازلهم وأراضيهم وسدّ الطريق على أيّ تطوير فلسطينيّ في المنطقة، وبالتالي تمكين إسرائيل من تعميق سيطرتها على المنطقة واستغلال مواردها لاحتياجاتها حصريّاً.

وأرفق تقرير “بتسيلم” حديث صالح سوافطة (31 عاماً) من سكّان بردلة عمّا عايشه في الإخلاء :” جئنا إلى أراضينا لكي نحصد المحصول ومن بعيد رأينا عشرات الدبّابات والمركبات العسكريّة. اقتربت منهم بحذر فرأيت الدّمار الذي سبّبوه. كانت آليّاتهم الثقيلة تدوس حقولنا المفلوحة وتخرّب كلّ شيء: محصول الذرة والفول وشبكات الريّ والطرق الزراعيّة. كانوا يسيرون عمداً داخل الحقول عوضاً عن الطرق الموجودة. لقد حطّموا آمالنا.. نحن نزرع أراضينا لكي نعتاش منها لكنّ الجيش دائماً يأتي وقت الحصاد وجني الثمار ويخرّب كلّ شيء في هذه الفترة من السّنة بالذات. لا يأتون بتاتاً للتدرّب في الصّيف، عندما يعمّ الجفاف المنطقة وعندما لا يكون هناك زراعة يأتون في الشتاء بصورة متعمدة.

 ” القدس” دوت كوم-

مقالات ذات صله