
نشر موقع المونيتور الأمريكي تقريرًا، سلَّط فيه الضوء على تطورات الأوضاع في حي بطن الهوى الذي يقع في مدينة سلوان بالقدس الشرقية. وخلُص كاتب التقرير إلى أن أعمال التهجير القسري قد تطال سكان الحي بعد أن ادَّعت منظمة استيطانية صهيونية أن مِلْكية الحي تعود إلى يهود يمنيين سكنوا المنطقة قبل قيام الكيان الصهيوني، ولكنَّ الضجة الدولية والمحلية التي لازمت حي الشيخ جرَّاح قد تحول دون تحقيق مآرب الصهاينة.
تهجير 86 عائلة مقدسية
يستهل الكاتب تقريره بالإشارة إلى أن التهجير يُهدِّد 86 عائلة مقدسية؛ إذ يعيش ما يتراوح بين نحو 750 إلى 800 شخص في 15 مبنًى في حي بطن الهوى في منطقة سلوان بالقدس الشرقية.
وتدَّعي منظمة عطيرت كوهانيم الاستيطانية (وهي منظمة صهيونية تعمل على تهويد القدس الشرقية وتدَّعي مِلْكية أراضيها) مِلْكية منازل هذه العائلات المقدسية.
وتذكِّرنا الأوضاع في حي بطن الهوى بالأحداث التي وقعت في حي الشيخ جرَّاح التي أذْكَت نيران المواجهة المسلحة التي وقعت مؤخرًا بين فصائل المقاومة في قطاع غزة وإسرائيل في المدة من 10 إلى 20 مايو (أيار).
وتطلَّع منظمة عطيرت كوهانيم إلى إجلاء سكان حي بطن الهوى وتحويل الحي إلى مستوطنة مرتبطة بالمواقع الاستيطانية التي أُقيمَت في أحياء أخرى في القدس.
نشاط استيطاني مُكثَّف
ويؤكد التقرير على أن مدينة سلوان، التي تقع جنوب باب المغاربة في البلدة القديمة، شهدت نشاطًا استيطانيًّا مُكثَّفًا بدأ بإنشاء موقعين استيطانيين في عام 2004. وفي عام 2014 اشترى مستوطنون يهود عِدَّة ممتلكات في حي وادي حلوة وحي بيدون في مدينة سلوان، فضلًا عن شرائهم أرضًا في حي بطن الهوى. وفي 8 أبريل (نيسان) 2021، استولى المستوطنون على مبنيين سكنيين في بطن الهوى واستحوذت منظمة عطيرت كوهانيم الاستيطانية على عددٍ من الممتلكات الفلسطينية.
وتدَّعي منظمة عطيرت كوهينيم أن المنازل المبنية في حي بطن الهوى شُيِّدَت على أرض ترجع ملكيتها إلى يهود يمنيين كانوا يعيشون في الحي قبل قيام دولة إسرائيل عام 1948.
وينوِّه التقرير إلى أن المنظمة افتتحت مركز التراث اليهودي اليمني في حي بطن الهوى في عام 2018. وادَّعت المنظمة أن يهودًا يمنيُّون كانوا يستخدمون العقار الذي يقع عليه المركز بصفته معبدًا يهوديًّا في القرن التاسع عشر.
وفي تصريح للمونيتور قال زهير الرجبي، رئيس المجلس المحلي في بطن الهوى: إن منظمة عطيرت كوهانيم أرسلت إخطارات إجلاء إلى سكان حي بطن الهوى تدَّعي فيها مِلْكية أرض الحي في عام 2015، مضيفًا أن سكان الحي سعوا إلى التماس سبل انتصاف قانونية.
المحاكم الإسرائيلية تحابي المستوطنين
ويشير التقرير إلى أن المحاكم الإسرائيلية أصدرت مرارًا وتكرارًا أحكامًا تصب في مصلحة منظمة عطيرت كوهانيم. وقدَّم السكان طعونًا أمام المحكمة الجزئية والمحكمة العليا، ولم تزل القضايا قيد النظر.
وأجَّلت المحكمة الجزئية مرارًا البتَّ في الطعون، وطلبت من المدعي العام الإسرائيلي أفيخاي ماندلبليت أن ينظر في القضايا. وتنظر المحكمة العليا حاليًا في الطعون التي قُدِّمَت إليها.
وعرَّج الرجبي قائلًا: «لدينا وثائق، ونعيش في الحي منذ أكثر من 60 عامًا»، مشيرًا إلى أن جمعية المستوطنين تدَّعي أنَّ الأرض التي بُنيَت عليها المنازل تخُص يهود يمنيين عاشوا في الحي في عام 1892.
بارقة أمل
ويرى الكاتب أن الضجة المحلية والدولية التي لازَمَت حي الشيخ جرَّاح أعطت سكان حي بطن الهوى بارقة أمل. يقول الرجبي: «ما حدث في حي الشيخ جرَّاح خلق تضامنًا ووحدةً بين سكان القدس وعائلاتها بأكملها. ونحن نحاول أن ندافع عن منازلنا بكل الوسائل الممكنة. ويتضمن هذا الدفاع اللجوء إلى القضاء الإسرائيلي الذي لا نثق به ولا يُنصِفَنا. غير أننا لا نمتلك خيارًا آخر». وأشار الرجبي إلى أن سكان الحي يفكِّرون أيضًا في عرض قضيتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية.
إدانات دولية
وفي 25 مايو وفقًا للتقرير وصف صالح حجازي، نائب مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، عمليات الإجلاء القسري للعائلات في منطقة بطن الهوى بأنها تُشكِّل «مثالًا آخرَ على سياسة إسرائيل الإجرامية المُتمثِّلة في التهجير القسري للفلسطينيين».
وتابع قائلًا: «من خلال الاستمرار في متابعة هذه القضية، بعد الاحتجاج على عمليات الإجراء القسري المُخطَّط لها في حي الشيخ جرَّاح بالقدس الشرقية المُحتلَّة، تؤجج إسرائيل نيران تصعيد أعمال العنف التي وقعت مؤخرًا واستمرار الانتهاكات الممنهجة ذاتها لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين، والتي تُعد السبب الجذري لاندلاع أعمال العنف الأخيرة».
وحذَّر حجازي قائلًا: «سعَت إسرائيل على مدى سنوات إلى توسيع نطاق المستوطنات غير القانونية في منطقة سلوان، ما أسفر عن إجبار أكثر من 200 فلسطيني على النزوح من بيوتهم»، مضيفًا أن «السلطات الإسرائيلية يجب أن توقف فورًا خُطط عمليات الإجلاء القسري في حي بطن الهوى في مدينة سلوان وفي أي منطقة من المناطق الأخرى في الأراضي الفلسطينية المُحتلَّة».
مزاعم واهية
وأبرز الكاتب التصريح الذي أدلى به أمير مراغة، وهو محامي وناشط في حي بطن الهوى، للمونيتور، إذ أشار إلى أن «قضية حي بطن الهوى تُعد قضيةً سياسيةً ولا تستند إلى أساس قانوني، وأن مزاعم منظمة عطيرت كوهانيم غير صحيحة وتستند إلى وثائق مزورة».
أشار مراغة إلى أن «الضغط الذي ظهر في ضوء خلفية قضية حي الشيخ جرَّاح بثَّ حالة من الخوف في أوساط القضاة، الذين قرَّروا تأجيل النظر في الطعون».
وأضاف مراغة أن سكان الحي رفضوا العروض المالية التي قَّدمتها المنظمة الاستيطانية. وعلَّق مراغة قائلًا: «إنهم يتمسَّكون بحيازة أرضهم وبيوتهم ويرفضون مغادرة الحي. وأقام السكان خيمة للاعتصام في الحي من أجل تنظيم فعاليات شعبية واجتماعية وفنية تهدف إلى دعم قضيتهم».
وأوضح مراغة أن ملف حي بطن الهوى الآن بين يدي المحكمة العليا، وهي أعلى هيئة قضائية في إسرائيل. وسيُطبَّق حكمها على القضايا الأخرى، بغض النظر عن المحكمة التي تنظر فيها حاليًا.
وفي ختام تقريره يرى الكاتب أن سكان بطن الهوى يخشون من أن تتعمَّد الحكومة الإسرائيلية إطالة أمد هذه القضايا حتى تُنفِّذ خطة التهجير التي وضعتها من دون إثارة غضب الرأي العام. ويهدِّد تأجيل البت في القضية إضعاف الزخم الشعبي ودعم سكان الحي.
المصدر: ساسة بوست