
عند الحديثِ عن جهازٍ أمنيٍّ كجهازِ المخابرات؛ يتبدّى أوّلُ ما يتبدّى؛ تخيُّلاتٌ ذهنيّةٌ كجدرانِ السّجونِ، والأقبيةِ، ورجلِ مخابراتِ ماكرٍ ذي شكيمة، وإذا كانَ الخيالُ سرابيًّا؛ فهذه التخيُّلاتُ س ستجعله محجمًا عن الولوجِ إلى مناطقَ حرامٍ، لكنَّ جهازَ المخابراتِ الفلسطينيّ الّذي هو سليلُ جهازِ الأمنِ الموحد؛ لا يتشابهُ ببنيتهِ السيكو-أَمنيّة (السيكولوجيّةُ الأمنيةُ) مع جهازِ المخابراتِ التقليديّ؛ لأنّ المخابراتِ الفلسطينيّةَ ليستْ جهازًا أمنيًّا محضًا، ولم يؤسّسْ أصلًا ليكون كذلك؛ إنّما هو مركزٌ للديناميكيّة الوطنيّةِ الفلسطينيّةِ، وأداةٌ وطنيّةٌ ظرفيّةٌ، ومؤسّسةٌ لها باعٌ تاريخيٌّ في الفعلِ الوطنيِّ الفلسطينيّ.
هذا ما يمكنُ استخلاصهُ عن سيرورةِ هذه المؤسّسةِ الوطنيّةِ، الّتي تمكّنتْ قُبيلَ أيَّامٍ مِنْ استعادةِ فتياتٍ فلسطينيّاتٍ من عائلةِ (مخلوف) بعدَ سبعِ سنواتٍ من انهماكِ العائلةِ في التقصّي والاقتفاء، والاستعادةُ لم تكنْ عبرَ (قصّاصي الأثر)؛ لا بل من خلالِ عمليّةٍ أمنيّةٍ معقّدةٍ استخدمتْ المخابراتُ الفلسطينيّةُ كلَّ ما يمكنُ استخدامه لكي تهنأ هذه العائلةُ بعد سنواتٍ قاسياتٍ.
عمليّةٌ أُخرى لم يجزلْ لها الإعلامُ اهتمامه المهنيّ؛ وهي عمليةُ إلقاءِ القبضِ على لاجئٍ من جنسيّةٍ عربيّةٍ قتلَ لاجئةً فلسطينيّةً (عشرون عامًا) في تركيا، فلم يقرّ قرارُ المخابراتِ الفلسطينيّةِ إلا ببإلقاءِ القبضِ عليه بالتنسيقِ مع أبناءِ الجاليةِ الفلسطينيةِ في اليونان، وبعدذاك؛ تمَّ تسليمه إلى الشرطةِ اليونانيّة لاتخاذِ الإجراءاتِ القانونيّةِ بحقّهِ.
يظهرُ اللواءُ (ماجد فرج) كقائدٍ سياسيٍّ لا أمنيٍّ فقط لهذا الجهاز؛ وهو كما تنسابُ المعلوماتُ عنه؛ أنّهُ يحبّذُ إنجاز ما يجبُ إنجازه دون (بهرجةٍ)، فالمخابراتُ الفلسطينيّةُ نفّذتْ عمليّاتٍ أمنيّةٍ –دون تهويلٍ- لا تستطيعُ أجهزةٌ أمنيّةٌ تحظى بتقنيّاتٍ فائقةٍ تنفيذها.